موضوع من زائر للمنتدى عن النحل
شباب عابود :: ترفيه :: منوعات
صفحة 1 من اصل 1
موضوع من زائر للمنتدى عن النحل
وأول نعمة ترفع من الأرض العسل
لقمان ابراهيم القزاز
من نعم الله على الإنسان نعمة العسل ، أودع الله فيها
شفاءً واسعاً وغذاءً نافعاً ، وربط بها نعماً أعمّ فائدة وأبعدَ أثراً
في حياة الكائنات.
من حديث ذكره ابن عدي في كتابه ( الكامل ) أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال( وأولُ نعمةٍ تُرفع من الأرضِ العسل ).*
ورفعُ هذه النعمة المباركة يقترن بغَلَبة الفساد والعصيان
وحين تصبح الأرض في وضع لا تستحق معه دوام النعم .
وتقديم نعمة العسل في الرفع على غيرها يدل على أهميتها وأهمية
ما يتصل بها من نعم أكبر ، ورفعها لا يقتصر عليها وحدها وإلا
لهان الضرر وخفّ العقاب ، ولكنه يشمل جميع ما يرتبط بها من
نعم أخرى ، مما يجعل من رفعها عقاباً قاسياً لأهل الأرض جزاء
ما كسبت أيديهم . والنحلة هذه المخلوقة الرائعة ، خدينة العطر والزهر ، وصانعة نعمة العسل ، لا تتراجع عن عملها المبرمج وتتوقف عن صنع عسلها إلا في ظروف قاهرة ، كأنْ يصيبها من الأمراض ما يُمسكها في خلاياها ويشلّ نشاطها ، أو يتولاها من الأوبئة ما يقضي عليها وحتى آخر فرد منها ، أو أن يجفّ الرحيق في ما حولها من أزهار. و في أي من هذه الحالات الشديدة إذا ما تحققت يمكن أن تُرفع نعمة العسل .
واليوم تواجه النحلُ ظاهرةً حيّرت العلماء ، اللافت للنظر فيها أن النحل تغادر خلاياها من غير رجعة و من دون سبب معلوم ، وتبقى الملكة مع بعض العاملات اليافعة للعناية بها . وقد تختفي النحل الحقلية وتتخلف النحل المنزلية في الخلية تحاول إعادة الحياة الى الطائفة . وفي كلا الحالين يتسبب تراجع عدد النحل في الخلية في جعل الطائفة المنهارة عرضة للهلاك المبكر في فصل الشتاء .
منذ سنوات داهم ( وباء الفاروا ) طوائف النحل في أرجاء العالم وقتل عشرات الآلاف منها وكان يترك آثاراً واضحة في ضحاياه مكّنت العلماء من دراسته ومعالجته وإنقاذ ما تبقى من طوائف منهكة . والوباء الجديد ( وباء إختفاء النحل ) لايترك في الخلية المُنهارة او حولها أثراً يُستدل به عليه ، وبذلك أدخل العلماء و الباحثين في مرحلة صعبة . وفي الوقت الذي يقف فيه العلماء تجاه الوباء ذاهلين يزداد تطوراً وإنتشاراً وينقل نشاطه المدمر من الأجواء الباردة الرطبة الى الأجواء الحارة المائلة الى الجفاف ، كما هي الحال في مناحلنا المحلية .
بدأت هذه الظاهرة في الولايات المتحدة الأمريكية عام 2006 ثم إنتقلت منها الى أوربا وآسيا والى أنحاء العالم بادئة بالدول التي تهتم بتربية النحل ، وفي تلك البلدان تسببت في فقدان 30-50 % من طوائف النحل . وسجلت الإحصائيات في الولايات المتحدة نسبة إنخفاض في عدد الخلايا عام 2007 بلغت 32% من مجموع الخلايا ، وفي عام 2008 بلغت نسبة الإنخفاض 36% ، وفي عام 2009 بلغت 29% ، وتوقع الخبراء بما لديهم من معلومات أن نسبة الإنخفاض في العام 2010 قد تكون أسوأ مما كانت عليه في الأعوام الماضية.
إن ثلث الغذاء في العالم يعتمد على التلقيح الذي تقوم النحل بأغلبه في بساتين الفاكهة والخضر والأشجار المثمرة . ويدر التلقيح في الولايات المتحدة على المزارعين ما قيمته 15 مليار دولار سنوياً ، وتقوم النحل بتلقيح 47 نوعاً من النباتات منها أشجار اللوز التي يبلغ تعدادها 60 مليون شجرة وتنتج 80% من محصول اللوز في العالم ، ومعها أنواع الفواكه والخضراوات والمحاصيل العلفية البذرية ، فضلا عما تصنع النحل من أطنان العسل و نتاجات الخلية ، فإذا إستمرت ظاهرة التراجع الهائل في أعداد النحل وعجز العلماء عن معرفة أسبابها و وضع الحلول الحاسمة لإنهائها سينجم عنها كارثة غذائية حقيقية و خللاً مخيفاً في توازن البيئة .
وقد دفع خطر الظاهرة والتي أطلقوا عليها ( معضلة إنهيار الطائفة ) COLONY COLLAPSE DISORDER ومختصراُ CCD دفع العلماء المشتغلين في هيئات الأبحاث الزراعية في الولايات المتحدة و أوربا الى وضع الخطط و البرامج لدراستها ومعالجتها والحد من تفشيها في الطوائف السليمة . تقول مجلة ( الثقافة النحلية ) الأمريكية : ( كشف تقرير للكونجرس أنه تم تخصيص نحو 26 مليون دولار منذ عام 2007 وحتى عام 2010 لدعم أبحاث الزراعة الأمريكية فيما يخص ظاهرة إنهيار طائفة النحل ، وأن العلماء إقترحوا نحو 200 نظرية لتفسير الظاهرة . وأضافت أنه حتى عام 2010 لا يبدو أن العلماء وضعوا أيديهم على سبب الظاهرة ) . ويقول آخر إقتراح توصل اليه العلماء العسكريون في ميرلاند وعلماء الحشرات في مونتانا : ( أن مُمْرِضين إثنين لا علاقة بينهما يشاركان في صنع الظاهرة ، أحدهما فطر يلتصق بنوزيما سيرانا يدخل القناة الهضمية للنحلة ويدمر الخلايا الظهارية ، وتؤمن الخلايا المدمَّرة طريقاً لدخول المُمْرض الثاني ( فيروسات ( RNA لتدمير الجهاز الهضمي ومنع النحلة من الطعام وقتلها خارج الخلية ) .
وأزاء هذه المخاطر المحدقة بالنحل تداعت جمعيات فرنسية الى تحريك المجتمع والتوقيع على عريضة لحماية النحل تحت شعار ( النحلة حارسة البيئة ) . وقد إمتدت الحملة الى أوربا ومنها تنطلق الى كل البلدان المهددة نحلها بالإنقراض لتكون الكلمة مجتمعة وقوية أمام السلطات المحلية ومنظمات الأمم المتحدة للتحرك باتجاه المشكلة بجد وعمل ما يمكن عمله قبل تفاقم أمرها وخروجها كلياً عن نطاق السيطرة .
يقول بعض الباحثين أن العالم على حافة كارثة حقيقية إن لم توضع حلول مناسبة سريعة لإنقاذ النحل من حالة التدهور ، وأن الحشرات الإقتصادية الأخرى لا يمكن السيطرة عليها ، ولا تحل محل النحل في التلقيح . ويقول عالم النسبية أينشتاين : لولا النحلة لما أمكن قيام الحياة على هذه الأرض ، لأن أنواعاً كثيرة من النباتات كانت ستنقرض ، ومعها الغابات التي تنقي الهواء وتلطف المناخ وتجلب المطر وتمسك بالتربة من الإنجراف وتعيق جريان الماء الى البحر لتملأ الأرض منه خزاناتها للري والشرب . . ثم يضيف : لو أن النحلة إختفت من سطح الكرة الأرضية فلن تدوم حياة الإنسان على الأرض أكثر من أربع سنوات ، حيث لن يكون هناك تلقيح ، ولن تكون أعشاب ، كذلك لن تكون حيوانات ، وبالتالي لذلك لن تكون هناك حياة للإنسان.
هذا رأي خطير لعالم يعني ما يقول ، والشواهد من حولنا تدل على صدقه : علماء وباحثون يلهثون وراء حلول ولمّا يضعوا قدماً على بداية طريق ، محاصيل تنخفض نِسبها ومزارعون تتوالى عليهم خسائر تلو الخسائر ، مناحل تتقلص وتندثر ونحالون تضيق عليهم منافذ الرزق ، قد يهجرون مهنتهم مضطرين ، ولئن فعلوا وتركوا النحل تواجه الأمراضَ والآفاتِ وحدها فقد هلكتِ النحل ورُفع العسل .
ورفع نعمة العسل من بين أيدي الناس من نُذُر ( معضلة إنهيار الطائفة ) ، ويعني رفعَ شفاءٍ ورفعَ غذاء ، وفقدانَ لذةٍ وعطرٍ ودفءٍ وشباب ، ويعني قبل ذلك إختفاءَ النحل ( صانعة العسل ) وضياعَ غذاءٍ ملكي وشمع وسم وعِكبِر ، والخطر الأكبر في حرمان الأزهار من التلقيح وهدر الثمرات وذبول الغطاء النباتي وشيوعِ المجاعات في الإنسان والحيوان .( و لنذِيقَنَّهم من العذاب الأدنى دون العذابِ الأكبرِ لعلَّهم يرجِعُونَ ) {السجدة 21}
لقد أُخذ العُصاةُ الأولون بريحٍ وزلازلَ وبراكينَ وخسفٍ وأوبئة ، أُخذوا فجأةً وجميعاً ، وكانوا أقواماً قليلي عددٍ سكنوا بقاعاً محدودة . واليوم تموج الأرض بساكنيها ويكاد يغشاها فساد وعصيان ، فإن قضت مشيئة الرب بأخذ مَن في الأرض جميعاً فقد يتم ذلك فجأةً ، أو بأن يُعذبوا برفع التراحم والنعم ، ثم يفعل الله ما يشاء.
ولرفع نعمة العسل وسيلتان ، إحداهما تجفيف مصادرها ، وهذه تثير عاصفة من هياج النحل تنتهي بهلاكها ، والأخرى تعطيل العاملين عليها . والنحلة جهاز حي مبرمج ، وحبسها في خلاياها وتعطيلها عن سلوك سبل ربها في جمع الغذاء والعناية بشؤون الطائفة مخالف لنظام برمجتها الراسخ ، ولا تستطيع الصبر عليه ، فسلط عليها ربها هلاكاً معجزاً تتعامل معه بما فُطرت عليه وبُرمجت به ، تفارق خلاياها أفواجاً وتتساقط تائهة في وجهات لا تقصدها ، ثم لا يُعثرعلى بقاياها لمعرفة كيف هلكت . ويحار الراسخون في العلم في أمرها ، وكيف يعملون ، ولو الى حين.
إنه إمتحانٌ عسير يُقام للعلماء والباحثين المهتمين بالنحل ليختبروا معلوماتهم ومهاراتهم تجاه إعجاز الله في خلقه ، وإنه إنذار للناس للعمل بما يرضي الله .. القاهر فوق عباده .
(سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الْآَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) (فصلت 53)
الهوامش :
* كتاب الكامل لإبن عدي جاء فيه : حدثنا الحسن قال حدثني أبو أُمية عمرو بن هشام الحراني ثنا عثمان بن عبد الرحمن عن علي بن عروة عن عبد الملك عن عطاء عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أول رحمة ترفع من الأرض الطاعون وأول نعمة ترفع من الأرض العسل . الجزء 5 صحيفة 209 .
يلاحظ على الحديث :
أولاً : في سلسلة الرواة علي بن عروة ، قال عنه يحي بن معين : ليس بشيء .
ثانياً: في الجزء الأول من الحديث قد تكون كلمة ( ماعون ) أُشتبه في حروفها فصُحِّفت ، فقُرأت و كُتبت ( طاعون ) والله تعالى أعلم ، والماعون تعني : الزكاة – الصدقة – المعروف – ما يتعاون عليه الناس بينهم – المنافع التي ينتفع بها الناس بعضهم من بعض .
ثالثاً : وفي حال أن يكون الحديث صحيحاً او موضوعاً أو هو قول مأثور ( والله تعالى أعلم ) فإن ما يحصل اليوم للنحل في أرجاء العالم يفسر الحديث تفسيراً عملياً ، فإختفاء النحل لا ينقطع ، ونتاج العسل في تناقص مستمر، والإنخفاض في معدلات المحاصيل الزراعية متواصل ، مع عجز المختبرات والعلماء عن معرفة سبب ما يحدث و وضع حدّ لهذا التهديد الخطير للبشرية ، وربما رجّحت هذه الظواهر المحيّرة كفّة صحة الحديث .
المراجع :
- ابن عدي . عبد الله بن عدي الجرجاني 277 -365 للهجرة . كتاب الكامل . المكتبة الشاملة , تراجم وطبقات .
- النحال العربي . مجلة . العدد الأول . كانون الثاني 1998 بيروت .
- من الأنترنيت :
* الموقع العلمي نحلة .
* موقع مرمريتا .
لقمان ابراهيم القزاز
من نعم الله على الإنسان نعمة العسل ، أودع الله فيها
شفاءً واسعاً وغذاءً نافعاً ، وربط بها نعماً أعمّ فائدة وأبعدَ أثراً
في حياة الكائنات.
من حديث ذكره ابن عدي في كتابه ( الكامل ) أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال( وأولُ نعمةٍ تُرفع من الأرضِ العسل ).*
ورفعُ هذه النعمة المباركة يقترن بغَلَبة الفساد والعصيان
وحين تصبح الأرض في وضع لا تستحق معه دوام النعم .
وتقديم نعمة العسل في الرفع على غيرها يدل على أهميتها وأهمية
ما يتصل بها من نعم أكبر ، ورفعها لا يقتصر عليها وحدها وإلا
لهان الضرر وخفّ العقاب ، ولكنه يشمل جميع ما يرتبط بها من
نعم أخرى ، مما يجعل من رفعها عقاباً قاسياً لأهل الأرض جزاء
ما كسبت أيديهم . والنحلة هذه المخلوقة الرائعة ، خدينة العطر والزهر ، وصانعة نعمة العسل ، لا تتراجع عن عملها المبرمج وتتوقف عن صنع عسلها إلا في ظروف قاهرة ، كأنْ يصيبها من الأمراض ما يُمسكها في خلاياها ويشلّ نشاطها ، أو يتولاها من الأوبئة ما يقضي عليها وحتى آخر فرد منها ، أو أن يجفّ الرحيق في ما حولها من أزهار. و في أي من هذه الحالات الشديدة إذا ما تحققت يمكن أن تُرفع نعمة العسل .
واليوم تواجه النحلُ ظاهرةً حيّرت العلماء ، اللافت للنظر فيها أن النحل تغادر خلاياها من غير رجعة و من دون سبب معلوم ، وتبقى الملكة مع بعض العاملات اليافعة للعناية بها . وقد تختفي النحل الحقلية وتتخلف النحل المنزلية في الخلية تحاول إعادة الحياة الى الطائفة . وفي كلا الحالين يتسبب تراجع عدد النحل في الخلية في جعل الطائفة المنهارة عرضة للهلاك المبكر في فصل الشتاء .
منذ سنوات داهم ( وباء الفاروا ) طوائف النحل في أرجاء العالم وقتل عشرات الآلاف منها وكان يترك آثاراً واضحة في ضحاياه مكّنت العلماء من دراسته ومعالجته وإنقاذ ما تبقى من طوائف منهكة . والوباء الجديد ( وباء إختفاء النحل ) لايترك في الخلية المُنهارة او حولها أثراً يُستدل به عليه ، وبذلك أدخل العلماء و الباحثين في مرحلة صعبة . وفي الوقت الذي يقف فيه العلماء تجاه الوباء ذاهلين يزداد تطوراً وإنتشاراً وينقل نشاطه المدمر من الأجواء الباردة الرطبة الى الأجواء الحارة المائلة الى الجفاف ، كما هي الحال في مناحلنا المحلية .
بدأت هذه الظاهرة في الولايات المتحدة الأمريكية عام 2006 ثم إنتقلت منها الى أوربا وآسيا والى أنحاء العالم بادئة بالدول التي تهتم بتربية النحل ، وفي تلك البلدان تسببت في فقدان 30-50 % من طوائف النحل . وسجلت الإحصائيات في الولايات المتحدة نسبة إنخفاض في عدد الخلايا عام 2007 بلغت 32% من مجموع الخلايا ، وفي عام 2008 بلغت نسبة الإنخفاض 36% ، وفي عام 2009 بلغت 29% ، وتوقع الخبراء بما لديهم من معلومات أن نسبة الإنخفاض في العام 2010 قد تكون أسوأ مما كانت عليه في الأعوام الماضية.
إن ثلث الغذاء في العالم يعتمد على التلقيح الذي تقوم النحل بأغلبه في بساتين الفاكهة والخضر والأشجار المثمرة . ويدر التلقيح في الولايات المتحدة على المزارعين ما قيمته 15 مليار دولار سنوياً ، وتقوم النحل بتلقيح 47 نوعاً من النباتات منها أشجار اللوز التي يبلغ تعدادها 60 مليون شجرة وتنتج 80% من محصول اللوز في العالم ، ومعها أنواع الفواكه والخضراوات والمحاصيل العلفية البذرية ، فضلا عما تصنع النحل من أطنان العسل و نتاجات الخلية ، فإذا إستمرت ظاهرة التراجع الهائل في أعداد النحل وعجز العلماء عن معرفة أسبابها و وضع الحلول الحاسمة لإنهائها سينجم عنها كارثة غذائية حقيقية و خللاً مخيفاً في توازن البيئة .
وقد دفع خطر الظاهرة والتي أطلقوا عليها ( معضلة إنهيار الطائفة ) COLONY COLLAPSE DISORDER ومختصراُ CCD دفع العلماء المشتغلين في هيئات الأبحاث الزراعية في الولايات المتحدة و أوربا الى وضع الخطط و البرامج لدراستها ومعالجتها والحد من تفشيها في الطوائف السليمة . تقول مجلة ( الثقافة النحلية ) الأمريكية : ( كشف تقرير للكونجرس أنه تم تخصيص نحو 26 مليون دولار منذ عام 2007 وحتى عام 2010 لدعم أبحاث الزراعة الأمريكية فيما يخص ظاهرة إنهيار طائفة النحل ، وأن العلماء إقترحوا نحو 200 نظرية لتفسير الظاهرة . وأضافت أنه حتى عام 2010 لا يبدو أن العلماء وضعوا أيديهم على سبب الظاهرة ) . ويقول آخر إقتراح توصل اليه العلماء العسكريون في ميرلاند وعلماء الحشرات في مونتانا : ( أن مُمْرِضين إثنين لا علاقة بينهما يشاركان في صنع الظاهرة ، أحدهما فطر يلتصق بنوزيما سيرانا يدخل القناة الهضمية للنحلة ويدمر الخلايا الظهارية ، وتؤمن الخلايا المدمَّرة طريقاً لدخول المُمْرض الثاني ( فيروسات ( RNA لتدمير الجهاز الهضمي ومنع النحلة من الطعام وقتلها خارج الخلية ) .
وأزاء هذه المخاطر المحدقة بالنحل تداعت جمعيات فرنسية الى تحريك المجتمع والتوقيع على عريضة لحماية النحل تحت شعار ( النحلة حارسة البيئة ) . وقد إمتدت الحملة الى أوربا ومنها تنطلق الى كل البلدان المهددة نحلها بالإنقراض لتكون الكلمة مجتمعة وقوية أمام السلطات المحلية ومنظمات الأمم المتحدة للتحرك باتجاه المشكلة بجد وعمل ما يمكن عمله قبل تفاقم أمرها وخروجها كلياً عن نطاق السيطرة .
يقول بعض الباحثين أن العالم على حافة كارثة حقيقية إن لم توضع حلول مناسبة سريعة لإنقاذ النحل من حالة التدهور ، وأن الحشرات الإقتصادية الأخرى لا يمكن السيطرة عليها ، ولا تحل محل النحل في التلقيح . ويقول عالم النسبية أينشتاين : لولا النحلة لما أمكن قيام الحياة على هذه الأرض ، لأن أنواعاً كثيرة من النباتات كانت ستنقرض ، ومعها الغابات التي تنقي الهواء وتلطف المناخ وتجلب المطر وتمسك بالتربة من الإنجراف وتعيق جريان الماء الى البحر لتملأ الأرض منه خزاناتها للري والشرب . . ثم يضيف : لو أن النحلة إختفت من سطح الكرة الأرضية فلن تدوم حياة الإنسان على الأرض أكثر من أربع سنوات ، حيث لن يكون هناك تلقيح ، ولن تكون أعشاب ، كذلك لن تكون حيوانات ، وبالتالي لذلك لن تكون هناك حياة للإنسان.
هذا رأي خطير لعالم يعني ما يقول ، والشواهد من حولنا تدل على صدقه : علماء وباحثون يلهثون وراء حلول ولمّا يضعوا قدماً على بداية طريق ، محاصيل تنخفض نِسبها ومزارعون تتوالى عليهم خسائر تلو الخسائر ، مناحل تتقلص وتندثر ونحالون تضيق عليهم منافذ الرزق ، قد يهجرون مهنتهم مضطرين ، ولئن فعلوا وتركوا النحل تواجه الأمراضَ والآفاتِ وحدها فقد هلكتِ النحل ورُفع العسل .
ورفع نعمة العسل من بين أيدي الناس من نُذُر ( معضلة إنهيار الطائفة ) ، ويعني رفعَ شفاءٍ ورفعَ غذاء ، وفقدانَ لذةٍ وعطرٍ ودفءٍ وشباب ، ويعني قبل ذلك إختفاءَ النحل ( صانعة العسل ) وضياعَ غذاءٍ ملكي وشمع وسم وعِكبِر ، والخطر الأكبر في حرمان الأزهار من التلقيح وهدر الثمرات وذبول الغطاء النباتي وشيوعِ المجاعات في الإنسان والحيوان .( و لنذِيقَنَّهم من العذاب الأدنى دون العذابِ الأكبرِ لعلَّهم يرجِعُونَ ) {السجدة 21}
لقد أُخذ العُصاةُ الأولون بريحٍ وزلازلَ وبراكينَ وخسفٍ وأوبئة ، أُخذوا فجأةً وجميعاً ، وكانوا أقواماً قليلي عددٍ سكنوا بقاعاً محدودة . واليوم تموج الأرض بساكنيها ويكاد يغشاها فساد وعصيان ، فإن قضت مشيئة الرب بأخذ مَن في الأرض جميعاً فقد يتم ذلك فجأةً ، أو بأن يُعذبوا برفع التراحم والنعم ، ثم يفعل الله ما يشاء.
ولرفع نعمة العسل وسيلتان ، إحداهما تجفيف مصادرها ، وهذه تثير عاصفة من هياج النحل تنتهي بهلاكها ، والأخرى تعطيل العاملين عليها . والنحلة جهاز حي مبرمج ، وحبسها في خلاياها وتعطيلها عن سلوك سبل ربها في جمع الغذاء والعناية بشؤون الطائفة مخالف لنظام برمجتها الراسخ ، ولا تستطيع الصبر عليه ، فسلط عليها ربها هلاكاً معجزاً تتعامل معه بما فُطرت عليه وبُرمجت به ، تفارق خلاياها أفواجاً وتتساقط تائهة في وجهات لا تقصدها ، ثم لا يُعثرعلى بقاياها لمعرفة كيف هلكت . ويحار الراسخون في العلم في أمرها ، وكيف يعملون ، ولو الى حين.
إنه إمتحانٌ عسير يُقام للعلماء والباحثين المهتمين بالنحل ليختبروا معلوماتهم ومهاراتهم تجاه إعجاز الله في خلقه ، وإنه إنذار للناس للعمل بما يرضي الله .. القاهر فوق عباده .
(سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الْآَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) (فصلت 53)
الهوامش :
* كتاب الكامل لإبن عدي جاء فيه : حدثنا الحسن قال حدثني أبو أُمية عمرو بن هشام الحراني ثنا عثمان بن عبد الرحمن عن علي بن عروة عن عبد الملك عن عطاء عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أول رحمة ترفع من الأرض الطاعون وأول نعمة ترفع من الأرض العسل . الجزء 5 صحيفة 209 .
يلاحظ على الحديث :
أولاً : في سلسلة الرواة علي بن عروة ، قال عنه يحي بن معين : ليس بشيء .
ثانياً: في الجزء الأول من الحديث قد تكون كلمة ( ماعون ) أُشتبه في حروفها فصُحِّفت ، فقُرأت و كُتبت ( طاعون ) والله تعالى أعلم ، والماعون تعني : الزكاة – الصدقة – المعروف – ما يتعاون عليه الناس بينهم – المنافع التي ينتفع بها الناس بعضهم من بعض .
ثالثاً : وفي حال أن يكون الحديث صحيحاً او موضوعاً أو هو قول مأثور ( والله تعالى أعلم ) فإن ما يحصل اليوم للنحل في أرجاء العالم يفسر الحديث تفسيراً عملياً ، فإختفاء النحل لا ينقطع ، ونتاج العسل في تناقص مستمر، والإنخفاض في معدلات المحاصيل الزراعية متواصل ، مع عجز المختبرات والعلماء عن معرفة سبب ما يحدث و وضع حدّ لهذا التهديد الخطير للبشرية ، وربما رجّحت هذه الظواهر المحيّرة كفّة صحة الحديث .
المراجع :
- ابن عدي . عبد الله بن عدي الجرجاني 277 -365 للهجرة . كتاب الكامل . المكتبة الشاملة , تراجم وطبقات .
- النحال العربي . مجلة . العدد الأول . كانون الثاني 1998 بيروت .
- من الأنترنيت :
* الموقع العلمي نحلة .
* موقع مرمريتا .
شباب عابود :: ترفيه :: منوعات
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى